انتقادات متبادلة بين “التعليم العالي” والجامعات الخاصة حول الطلبة الوافدين

 الغد – تيسير النعيمات – رغم تأكيد الجانبين؛ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والجامعات الخاصة، حرصهما على تحفيز وتشجيع استقطاب الطلبة العرب والاجانب للدراسة بالمملكة، باعتبار ذلك داعما مهما للجامعات وللاقتصاد الوطني، فإن تبادلا للانتقادات جرى مؤخرا بين الطرفين، حيث حملت جامعات خاصة الوزارة بوضع عراقيل أمام توسيع باب الاستقطاب للطلبة، وهو ما ردت عليه الثانية بالاشارة إلى عدة خطوات وسياسات تشجع اقبال الطلبة الوافدين للدراسة بالأردن.
حدة الانتقادات للوزارة تباينت ايضا بين رؤساء ومالكي جامعات خاصة، في تحميل مسؤولية استقطاب الطلبة الوافدين بين من يرى أن الوزارة وهيئة الاعتماد وبعض الجهات الرسمية “لا تقوم” بدورها وانها تضع العراقيل أمام هذه الجامعات، وبين من يرى ان الاساس بعملية الاستقطاب يعود للجامعات ذاتها، تضاف له جهود الجهات الرسمية.
الجامعات الخاصة تركز -بحسب أحاديث لعدد من رؤساء ومالكي هذه المؤسسات- على أن هناك “حملة غير مقصودة تستهدف الجامعات الخاصة، من خلال وجود البرنامج الموازي بالجامعات الرسمية، وقبولها لاعداد تزيد عن طاقتها الاستيعابية، في منافسة للجامعات الخاصة، فضلا عن العراقيل التي توضع أمام هذه الجامعات باستقطاب الطلبة الوافدين من الجنسيات المقيدة.
ودعوا إلى حملة وطنية تقودها وزارة التعليم العالي، بحيث تضم الجامعات الرسمية والخاصة للعمل على استقطاب الطلبة الوافدين، تحقيقا لخطة الوزارة برفع اعداد الوافدين للجامعات الأردنية من 40 ألف طالب حاليا إلى 70 ألفا العام 2020.
رئيس جامعة عمان العربية د. ماهر سليم يشير لـ”الغد” إلى وجود معاناة في استقطاب الطلبة الوافدين نتيجة سياسات القبول الحالية وبرنامج الموازي، واستيعاب جميع الطلبة الحاصلين على معدلات
65 % فما فوق بالجامعات الرسمية، وقبولها طلبة تفوق اعدادهم الطاقة الاستيعابية “ما انعكس سلبا على الجامعات الخاصة”. واعتبر سليم ان ذلك “حملة غير مقصودة ضد الجامعات الخاصة”.
وقال إن بعض الدول العربية “سحبت اعترافها من بعض الجامعات الخاصة في ظل غياب تام لوزارتي التعليم العالي والخارجية وشؤون المغتربين”، مشيرا إلى أن بعض الدول العربية وفي حال تعرض إحدى الجامعات الخاصة فيها لسحب الاعتراف بها من قبل الأردن “فان وزارتي التعليم العالي والخارجية في تلك الدولة تتدخل لدى الأردن لإعادة الاعتراف بهذه الجامعة”.
ودعا سليم إلى احتضان جميع الجامعات الرسمية والخاصة، واعادة الهيبة للتعليم العالي الأردني في الخليج، لا سيما وان الجامعات الخاصة الأردنية معتمدة من قبل هيئة الاعتماد اعتمادين عاما وخاصا، وتلتزم بمعايير الجودة.
ويلفت سليم الى أن هيئة الاعتماد “تتشدد في تطبيق معايير الاعتماد الخاص على الجامعات الخاصة، مقابل التساهل في تطبيقها على الجامعات الرسمية” على حد رأيه.
وقال إن هناك “غيابا لجهود وزارة التعليم العالي في استقطاب الطلبة الوافدين”، داعيا إلى حملة تقودها الوزارة في هذا الشأن، “تتضمن العمل على إعادة الاعتراف ببعض الجامعات الخاصة من قبل الدول التي سحبت الاعتراف، والسماح وتسهيل عملية الاستقطاب، لا سيما من الجنسيات المقيدة، وإزالة شرط ان يقوم الطالب بدفع رسوم سنة كاملة للحصول على الاقامة، وترك متابعة هذا الموضوع للجامعة نفسها، وإلى معاملة الجامعات الخاصة بنفس سوية الجامعات الرسمية فالأولى تقوم بدور وطني من دفع للضرائب وتشغيل للأردنيين فيما تشكل “الرسمية” عبئا على الموازنة العامة وتتقاضى دعما حكوميا”.
وأشار سليم إلى منع بعض الجامعات الخاصة من المشاركة في معارض اقيمت في بعض الدول العربية، وابتعاد الطرف الرسمي عن توفير الغطاء الشرعي للجامعات الخاصة خارج البلاد. مشددا في ذات الوقت على أهمية معالجة أي خلل ترتكبه أي جامعة دون الإعلان عنه حتى لا نلحق الضرر بسمعة الجامعة، مع متابعة الخلل واتخاذ إجراءات رادعة بحق الجامعات المخالفة وتسهيل عملية معادلة المواد”.
وأكد أهمية وجود “منظومة كاملة لاستقطاب الطلبة الوافدين”، وقال “ما يعيب الجامعات الخاصة يعيب الأردن، وأن الجامعات الرسمية غير ربحية ولكنها عبء على الدولة”.
من جانبه، أشار رئيس جامعة الزيتونة د. تركي عبيدات إلى اتخاذ قرار من قبل هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وتنفيذا للاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية، ينص على “الموافقة على السماح للجامعات الأردنية بقبول الطلبة غير الأردنيين والمحققين لأسس القبول زيادة على نسبة الطاقة الاستيعابية المحسوبة فعليا لكل تخصص، بحيث تكون للبكالوريوس بنسبة (15 %) وبحد اعلى (50) طالبا للتخصصات الإنسانية و(40) طالب للتخصصات العلمية و(30) طالبا للتخصصات الطبية والصحية وبنسبة
(10 %) للماجستير وبحد أعلى (10) طلاب وبنسبة (5 %) للدكتوراه وبحد أعلى (3) طلاب”.
في المقابل يرى عبيدات أن هناك مشكلة بتنفيذ الاستراتيجيات، وعدم المساواة في التعامل بين الجامعات الرسمية والخاصة، “فالاستراتيجية نصت على التركيز على نوعية التعليم الا انه تم قبول نحو 5 الاف طالب فوق الطاقة الاستيعابية في مخالفة واضحة لاستراتيجية تنمية الموارد البشرية”.
ودعا عبيدات الجامعات لتحسين ادائها وزيادة تنافسيتها والحرص على سمعتها وعلى جودة التعليم ومخرجاته. منوها الى انه ورغم وجود ازدواجية بالتعامل مع الجامعات الرسمية والخاصة “الا ان بعض الجامعات الخاصة لم تتاثر ولم تنخفض اعداد الطلبة فيها، لا بل زادت اعداد الطلبة الأردنيين والوافدين فيها”.
وحث “الخاصة” على استحداث تخصصات يطلبها سوق العمل، مثل التخصصات التكنولوجية والتقنية والتطبيقية “فرغم كلفتها العالية الا انها تضمن الاستمرارية للجامعات فضلا عن ضرورة مواكبة سوق العمل وتطوراته”.
وقال عبيدات ان هناك مثلثا ذهبيا يتمثل في التركيز على السمعة وتقليل الارباح وزيادة التنافسية، ما يوفر استدامة اكبر للجامعات الخاصة، لا سيما في ظل الظروف الاقليمية وزيادة التنافسية في المنطقة والازمات الاقتصادية التي تعانيها عديد دول الجوار والعالم.
ولا يتردد عبيدات بشكر وزارتي التعليم العالي والداخلية والجهات الاخرى ذات العلاقة “على جهودها في المساعدة وتسهيل عملية استقطاب الطلبة الوافدين”، مؤكدا في الوقت ذاته أن على الجامعات نفسها “زيادة تنافسيتها، خاصة تلك التي تعاني ضعف اقبال الطلبة الأردنيين أو الوافدين، تحديد مواطن الخلل ومواجهتها ومراعاة ظروف الناس المادية الصعبة في الأردن والمنطقة”.
في حين طالب وزارة التعليم العالي وهيئة الاعتماد بتخفيف بعض الشروط على الجامعات الخاصة لا سيما بموضوع معايير الاعتماد الخاص واعداد المقبولين، داعيا للعمل بجد للالتحاق بركب الثورة الصناعية الرابعة وزيادة التنافسية والاستدامة.
من جانبها، تدافع وزارة التعليم العالي عن دورها وجهودها لاستقطاب الطلبة الوافدين للجامعات الخاصة.
ويؤكد أمين عام الوزارة د. عاهد الوهادنة لـ”الغد”، أن الوزارة “تقود جهدا وطنيا لاستقطاب الطلبة الوافدين للدراسة بالجامعات الرسمية والخاصة”، مشددا على ان الوزارة “تتعامل في هذا الموضوع مع جميع الجامعات الوطنية على قدم المساوة”، مدللا على ذلك بموقع “ادرس في الأردن”، الذي يشمل الجامعات الرسمية والخاصة، وكذلك النافذة الواحدة لمساعدة جميع الجامعات بهذا الخصوص.
وأشار الوهادنة إلى أن الوزارة التقت جميع المستشارين والملحقين الثقافيين العرب والاجانب في الأردن، واستمعت إلى ملاحظاتهم واحتياجاتهم، وعممتها على كل الجامعات، لمساعدتها باستقطاب الطلبة الوافدين. مؤكدا في الوقت ذاته ان الاساس في عملية الاستقطاب يعود للجامعة نفسها.
واكد الوهادنة ان الوزارة وهيئة الاعتماد “تتعاملان مع الجامعات كافة بنفس المعايير”، مشيرا الى قرار الهيئة بالموافقة على السماح للجامعات الأردنية بقبول الطلبة غير الأردنيين والمحققين لأسس القبول زيادة على نسبة الطاقة الاستيعابية المحسوبة فعليا لكل تخصص”.
وقال ان الوزارة “على اتم الاستعداد للمساعدة بحل اي مشكلة أو تذليل أية صعوبات تواجهها أي جامعة مع أي من الدول بخصوص عملية الاستقطاب”.
وحول الجنسيات المقيدة، أكد الوهادنة ان عددها محدود، وأن هناك جهات اخرى ذات علاقة بذلك، وان على الجميع مراعاة المصلحة الوطنية بهذا المجال.